الطريق نحو عصر الذكاء والسرعة.. جيل خامس لجيل مبتكر

0
442

الجزائر بين الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس: هل نحن على أبواب ثورة رقمية

“الهاتف ليس مجرد وسيلة اتصال، بل بوابة لعالم كامل من الذكاء”… هكذا عبّر الطالب إلياس.ب، 22 سنة، من كلية الإعلام الآلي بجامعة هواري بومدين، حين سألناه عن رأيه في دخول الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس إلى الجزائر.

✍️ زبير فاضل — موقع “أنا الجزائر”

في السنوات الأخيرة، شهد العالم قفزات مذهلة في مجال التكنولوجيا، أبرزها الذكاء الاصطناعي (AI) وشبكات الجيل الخامس (5G)، التي أصبحت حجر الزاوية في الصناعات والتعليم والصحة والإعلام.

لكن، ماذا عن الجزائر؟ وهل نحن فعلاً في قلب هذه التحولات أم أننا نكتفي بالمشاهدة من بعيد؟

الذكاء الاصطناعي: من المفهوم إلى الممارسة

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيال علمي، بل واقع يفرض نفسه في كل المجالات.
في الجزائر، بدأت الجامعات ومراكز البحث تتفاعل مع هذا التوجه. ففي عام 2023، أطلقت وزارة التعليم العالي 15 مشروعًا بحثيًا في مجال الذكاء الاصطناعي، منها ما يخص تحليل الصور الطبية والتعرف على الصوت والتنبؤ بالأزمات المناخية.

وفي حديث لـ”أنا الجزائر”، قال الدكتور عمّار زروقي، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة قسنطينة:

“الجزائر تمتلك كفاءات علمية قوية. لكن التحدي الأكبر هو الانتقال من البحث الأكاديمي إلى التطبيق الصناعي… وهذا يتطلب إرادة سياسية واستثمارًا حقيقيًا”.

الجيل الخامس: العمود الفقري للثورة الرقمية

إذا كان الذكاء الاصطناعي هو العقل، فإن الجيل الخامس هو العمود الفقري الذي يحمله. سرعة إنترنت تصل إلى 10 غيغابِت في الثانية، زمن استجابة أقل من 1 ميلي ثانية، واتصال آني بين ملايين الأجهزة… هذه ليست وعودًا بل واقعٌ تحقق في دول مثل كوريا الجنوبية وألمانيا والإمارات.

في الجزائر، أعلنت وزارة البريد والاتصالات في مارس 2024 عن إطلاق تجريبي محدود لتقنية 5G في ولايتي الجزائر العاصمة ووهران، بشراكة مع شركتي هواوي وZTE.
وصرح المدير العام لاتصالات الجزائر، السيد عبد المالك بوضياف، قائلاً:

“الجيل الخامس ليس ترفًا، بل ضرورة. وهو بوابة لاقتصاد رقمي قائم على السرعة، الدقة، والابتكار”.

لكن الواقع يشير إلى فجوة رقمية كبيرة. ففي حين أن دولاً إفريقية مثل كينيا ورواندا بدأت استخدام 5G في الزراعة الذكية، لا تزال حوالي 42% من المناطق الريفية في الجزائر محرومة من تغطية 4G، حسب تقرير الهيئة الوطنية للبريد والاتصالات الإلكترونية (ARPCE) لعام 2024.

صحافة بالذكاء، وذكاء في الصحافة

الإعلام ليس بمنأى عن هذا التحول. فقد أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على كتابة المقالات، تحرير الفيديو، والتفاعل مع الجمهور، مما يطرح تساؤلات أخلاقية ومهنية.

الصحفي مراد بن زينة، من جريدة يومية جزائرية، قال:

“بدأنا نستخدم أدوات مثل ChatGPT لتلخيص الأخبار أو توليد نصوص أولية، لكن الصحفي يبقى ضروريًا لإضفاء الحس الإنساني والتحقق من المعلومة”.

ويُتوقع، حسب دراسة لمنظمة اليونسكو، أن 70% من غرف الأخبار العالمية ستدمج أدوات الذكاء الاصطناعي بحلول 2026.

الواقع والتحدي: بين الطموح والتنفيذ

رغم الخطوات الإيجابية، لا يمكن إنكار التحديات:

  • ضعف البنية التحتية الرقمية في المناطق الداخلية
  • نقص تكوين الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي
  • تردد في الاستثمار التكنولوجي من القطاع الخاص

يقول الطالب مهدي قاسي من جامعة تيزي وزو:

“نحلم بمخابر مجهزة وأساتذة متمكنين. نحن شباب الجزائر ولدنا في زمن الرقمنة… ونريد أن نصنع الفرق”.

يونس قرار يحذر: “لدينا العقول… لكننا نفتقر إلى القرار الرقمي”

✍️ حاوره: زبير فاضل — موقع “أنا الجزائر”

في ظل تصاعد الحديث عن التحول الرقمي في الجزائر، ووسط الاهتمام المتزايد بتقنيات الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس (5G)، لا تزال الأسئلة الحقيقية تُطرح: هل نملك فعلاً البنية التحتية لمواكبة هذا التحول؟ وهل نملك الإرادة السياسية والاقتصادية لمواكبته؟

في هذا السياق، أجرى موقع “أنا الجزائر” حوارًا مع الخبير الرقمي الجزائري يونس قرار، المعروف بمواقفه الصريحة ودعواته المتكررة لرقمنة حقيقية وفعالة، بعيدًا عن “الشعارات التقنية الفارغة”.

الذكاء الاصطناعي: بين الوعي والتفعيل

يقول قرار:

“الجزائر بدأت تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي، لكننا ما زلنا في مرحلة الوعي وليس التمكين. هناك جهود جامعية مشجعة، لكن غياب منظومة اقتصادية وتشريعية داعمة يجعل النتائج محدودة”.

ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن ينجح في الجزائر إذا ظل محصورًا في الأطر الأكاديمية، بل يجب أن يُدمج في المؤسسات والإدارات والصناعات.

5G: بوابة مقفلة في غياب الرؤية

بالنسبة لتقنية الجيل الخامس، يرى يونس قرار أنها ليست مجرد سرعة إنترنت أعلى، بل مفتاح لثورة رقمية شاملة، خصوصًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ويضيف:

“5G هو الممكن الأساسي للثورة الرقمية في الصحة، النقل، التعليم، والصناعة. لكن لا يمكن أن ننتقل إلى 5G دون حل أزمة تغطية 4G أولًا، ودون خارطة طريق واضحة”.

ويشير إلى أن إطلاق تجارب محدودة في الجزائر العاصمة ووهران لا يكفي، ما لم يصاحبه استثمار في البنية التحتية وتكوين الموارد البشرية.

أكبر تحدٍ: الذهنيات وليست التكنولوجيا

ويرى يونس قرار أن العائق الحقيقي ليس تقنيًا، بل ثقافي وإداري، قائلاً:

“الكثير من المسؤولين لا يزالون يرون في التكنولوجيا عبئًا ماليًا وليس استثمارًا استراتيجيًا. هذا يُبطئ كل المبادرات”.

ويُبرز أن الخوف من فقدان السيطرة أو من “ذكاء الآلة” يسيطر على بعض مراكز القرار، رغم أن التجارب العالمية أثبتت أن الذكاء الاصطناعي يُحسن الأداء ولا يلغي دور الإنسان، بل يحرره من المهام المتكررة.

القطاع الخاص: حضور خافت رغم الإمكانيات

وفي ما يخص دور القطاع الخاص، قال قرار إن أغلب المبادرات الرقمية تأتي من شباب وشركات ناشئة، لكنهم يواجهون عراقيل مستمرة مثل غياب التمويل، والبيروقراطية، وقلة الحوافز الضريبية.

ويضيف:

“لا يمكن الحديث عن اقتصاد رقمي بدون قطاع خاص نشط، وتشجيع الشركات على تبني الابتكار، وتسهيل البيئة القانونية لذلك”.

دعوة للحسم: “إما نقرر، أو نندم”

وفي ختام حديثه، يوجّه قرار رسالة مباشرة لصانعي القرار:

“الجزائر لا تفتقر إلى العقول، بل إلى القرار. إذا لم نتحرك الآن، فسندفع ثمن التأخر الرقمي مستقبلاً. لا نريد أن نكون مستهلكين دائمًا لثورات لا نشارك فيها”.

ما يطرحه الخبير يونس قرار ليس تشاؤمًا، بل واقعية رقمية، تصرخ في وجه الركود البيروقراطي وتدعو إلى حسمٍ في الخيارات.
ففي زمن تتسابق فيه الدول على السيطرة الرقمية، من يتردد… يختفي من الخريطة.

هل نحن مستعدون؟

الجزائر تمتلك ما يكفي من العقول والطموحات، لكنها بحاجة ماسة إلى:

  • إرادة سياسية أكثر جرأة
  • تشجيع الابتكار المحلي
  • ربط البحث العلمي بسوق الشغل
  • تسريع نشر الإنترنت عالي التدفق

ففي زمن تسير فيه المعلومة بسرعة الضوء، لا يكفي أن نكون متفرجين.
الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس ليسا خيارًا… بل طريق نجاة نحو المستقبل.

 

تابعنا على فايسبوك: “أنا الجزائر تك”

 

 

أترك تعليق