بالفيديو: أزمة العجلات في الجزائر.. تونس الحل المنقذ وقرارات تبون الحاسمة

0
2092

أنا الجزائر:  في الوقت الذي تتصاعد فيه أزمات النقل في الجزائر، برزت مشكلة نقص العجلات المطاطية كواحدة من أبرز التحديات التي أثرت على قطاع النقل والمواصلات، بل وامتدت تداعياتها إلى الحياة اليومية للمواطنين والاقتصاد الوطني. هذه الأزمة، التي تفاقمت نتيجة قرارات سابقة غير مدروسة، وجدت طريقها نحو حل جزئي بفضل التعاون مع تونس، فيما أصدر الرئيس عبد المجيد تبون قرارات طارئة أمس تهدف إلى وضع حد لهذا المأزق.

  • كتب: مهدي. ب

جذور الأزمة: قرار 2022 المثير للجدل

تعود جذور أزمة العجلات في الجزائر إلى عام 2022، حين أمر الرئيس تبون، خلال زيارته لمصنع “إيريس” لصناعة الإطارات في ولاية سطيف، بوقف استيراد العجلات المطاطية بهدف “حماية المنتج الوطني”. وقد روّج تبون حينها لقدرة المصنع على إنتاج 4 ملايين إطار سنويًا، لكن الواقع كشف أن الإنتاج لا يتجاوز 1.8 مليون إطار، جزء كبير منه مخصص للتصدير. هذا القرار، الذي وُصف بالعشوائي، أدى إلى اختفاء العجلات من الأسواق المحلية، مما تسبب في ارتفاع أسعارها بشكل صاروخي وشلل جزئي في قطاع النقل، خصوصًا لدى أصحاب الحافلات والشاحنات.

تزامن ذلك مع أزمات أخرى، مثل نقص المواد الغذائية ومياه الشرب، مما زاد من معاناة المواطنين. مواقع التواصل الاجتماعي شهدت موجة من الاحتجاجات الشعبية، حيث أطلق المواطنون والمهنيون نداءات عبر مقاطع فيديو للفت الانتباه إلى تداعيات هذا القرار، دون أن تجد استجابة فورية من السلطات. 


تونس: المنقذ الإقليمي

في خضم هذه الأزمة، برزت تونس كحل إقليمي واعد. فقد بدأت الجزائر في التوجه نحو جارتها الغربية لتأمين إمدادات العجلات المطاطية. تونس، التي تمتلك صناعة إطارات متطورة نسبيًا، استطاعت أن تقدم حلاً سريعًا من خلال تصدير كميات كبيرة من العجلات بمختلف الأحجام لتلبية احتياجات السوق الجزائرية. هذا التعاون لم يأت من فراغ، بل يعكس العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين البلدين، التي تجلت في انسجام مواقف الرئيسين تبون وقيس سعيد حيال قضايا إقليمية ودولية.

الاستيراد من تونس ساهم في تخفيف الضغط على السوق الجزائرية، حيث بدأت الأسعار في الانخفاض تدريجيًا، واستعاد بعض الناقلين قدرتهم على تشغيل مركباتهم. هذا التوجه عزز من فكرة التعاون الإقليمي كبديل عن الاعتماد الكلي على الإنتاج المحلي أو الاستيراد من أسواق بعيدة، مما قد يوفر الوقت والتكاليف.

قرارات تبون الحاسمة: خطوة لتصحيح المسار

في اجتماع طارئ عقده الرئيس تبون أمس، 26 أغسطس 2025، لمناقشة أوضاع قطاع النقل، أصدر جملة من القرارات التي وُصفت بالتاريخية لمعالجة الأزمة. من أبرز هذه القرارات:

  1. إستيراد فوري لـ10 آلاف حافلة جديدة: لتعويض الأسطول المتهالك، الذي تسبب في حوادث مأساوية، مثل حادثة سقوط الحافلة الأخيرة التي كشفت عن ثغرات خطيرة في القطاع.
  2. استيراد مكثف للعجلات: لتلبية الطلب المتزايد وتخفيف الضغط على السوق المحلية، مع التركيز على تنويع مصادر الاستيراد.
  3. تشريعات جديدة لتنظيم المرور: تشمل مراجعة كيفيات تسليم رخص السياقة، وتشديد المراقبة على السائقين للكشف عن تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية
  4. توسيع المسؤولية القانونية: لتشمل الأطراف المكلفة بصيانة الطرقات، ومدارس تعليم السياقة، ومراكز المراقبة التقنية، لضمان سلامة المركبات.
  5. تشديد الرقابة الأمنية: عبر تكليف الدرك والأمن الوطني بمراقبة صارمة لتطبيق قانون المرور، بهدف الحد من “إرهاب الطرقات”.

هذه القرارات جاءت استجابة لضغوط شعبية ومهنية، حيث طالبت جمعيات النقل والمنظمات المدنية، مثل المنظمة الجزائرية للدفاع عن المستهلك “حمايتك”، بفتح استيراد منظم وعاجل للعجلات لتخفيض الأسعار وحماية الأرواح.


تحديات المستقبل: هل تنجح القرارات؟

على الرغم من التفاؤل الذي أثارته قرارات تبون والتعاون مع تونس، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. أولها، القدرة على تنفيذ هذه القرارات بسرعة وكفاءة، خاصة في ظل الانتقادات التي وجهت للنظام سابقًا بسبب التأخر في الاستجابة لشكاوى المواطنين. ثانيًا، يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الإجراءات ستعالج الأسباب الجذرية للأزمة، مثل ضعف الإنتاج المحلي والاعتماد المفرط على الاستيراد.

كما أن الجزائريين يترقبون نتائج هذه القرارات على أرض الواقع، خصوصًا في ظل تصريحات سابقة لتبون، مثل سحب الحافلات التي يزيد عمرها عن 30 عامًا خلال ستة أشهر، والتي لم تُنفذ بالكامل بعد. هذا الواقع يثير تساؤلات حول جدية التنفيذ والقدرة على تجاوز العراقيل البيروقراطية.

أمل جديد وتحديات مستمرةأزمة العجلات في الجزائر كشفت عن هشاشة بعض القرارات الاقتصادية وتأثيرها المباشر على حياة المواطنين. التعاون مع تونس فتح نافذة أمل لتخفيف هذا العبء، فيما جاءت قرارات الرئيس تبون أمس كخطوة تصحيحية واعدة. لكن نجاح هذه الإجراءات يتوقف على التنفيذ الفعال والشفاف، والتزام الحكومة بمعالجة التحديات الجذرية في قطاع النقل. الجزائريون، الذين عانوا من تداعيات هذه الأزمة، يترقبون الآن ما إذا كانت هذه القرارات ستكون بداية لتحول حقيقي، أم مجرد تصريحات لامتصاص الغضب الشعبي.

 

 

 

 

تابعنا على فايسبوك: “أنا الجزائر تك”

 

 

 

أترك تعليق